قصة عائلة ايت شعيب بورزازات
وجب قبل كل شيء، الإشارة إلى مسألة المساس بالهوية وتأثيرها النفسي علينا كأفراد.. وبالضبط أتحدث هنا عن التصنيفات التي يصنف بها بعضنا البعض من حيث الأصول القبلية، بل أسميها عنصرية قبلية جاهلة.. حيث يبدأ البعض منا بتصنيف الآخرين بكل سطحية وأنانية بين أصلي ودخيل وعريق إلخ… فتُخلق بذلك فرق عصبية من كل الأطراف..
علينا أن لا ننسى وأن نتذكر دائما أن لا إنجاز أو استحقاق حققناه بكوننا من أبناء فلان من العائلة الفلانية وليس من أبناء فلان من العائلة الفلانية.. أو أننا ولدنا في المنطقة الفلانية دون المنطقة الفلانية.. وأن لا دخل لنا بهذا سوى الصدفة التي جعلتنا نولد هنا لا هناك.. لهذه الأم من هذه القبيلة لا تلك.. أو لذلك الأب من هذه العشيرة لا تلك .. لا أحد منا قد اختار مكان ولادته أو أصله أو ظروفه… لذلك يجب علينا أن نتواضع وأن لا نأذي بعضنا البعض بتصنيفات أساسها عنصري تفريقي يجعلني أنا أو جماعتي مفضلون على فرد أو جماعة أخرى .. كونوا متواضعين واعلموا أن إنجازاتكم واستحقاقاتكم الوحيدة التي تحسب لكم هي ما أنجزتموه بمجهوداتكم في حياتكم أنتم.. وليس ما أنجزه آباؤكم أو أجدادكم وأصولكم.. فكم من رخاء ويسر كان في الماضي وقد انقلب اليوم إلى عسر ومآسي.. وكم من مآسي ومعاناة في الماضي خرج اليوم من رحمها رخاء ويسر .. فلننبش ونبحث في تاريخنا لنتعلم منه ومن تاريخ غيرنا ونستخلص منه دروسا وعبرا تفيدنا في حاضرنا ومستقبلنا..
نحن في الحقيقة.. لسنا إلاّ زوّار وعابرو سبيل على هذه الأرض.. وُلِدنا فوجدنا أنفسنا في بقعة منها، ولم يكن لنا أي دخل في اختيارها، أو اختيار ظروف عيشنا فيها.. ترعرعنا عليها وتنقلنا في أرجائها، وارتبطنا بها برابط الإنتماء، بحثنا عن لقمة عيشنا ورزقنا وقد نجدها فيها، أو قد تنقلنا ظروف بحثنا إلى مكان آخر لنعيش فيه ونستقر فيه.. ثم أخيرا، سنغادر الحياة يوما إلى الأبد في أجل جد قريب..
سأنتقل للحديث قليلا عن تاريخ عائلة ايت شعيب كمثال، ففي شهر نوفمبر من سنة 2021، سلمني والدي أنابيب قصبية تسلمها هو الآخر من والده الذي تسلمها هو الآخر من والده وهكذا توارثت عبر 7 أجيال من أجدادي لحوالي ثلاثة قرون من الزمن قبل أن تصل إلى يدي، وعددها 37 أنبوبا، 36 منها من القصب وواحد معدني، واحتوى كل من هذه الأنابيب على وثيقة واحدة أو اثنتين في بعضها، ومجموعها 41 وثيقة تعود ملكية أغلبها لأجدادي من عائلة ايت شعيب، وجلها عبارة عن عقود شراء لأراضي فلاحية، أو شراء منازل أو أجزاء منها، أو شراء أنواع من النخيل في مناطق مختلفة أهمها زاوية سيدي عثمان “أعلى واد ورزازات” التي نسب إليها أجدادي في تلك الوثائق، جميعهم دون استثناء، وبعض أملاك أخرى في مختلف قرى ورزازات كتابونت وتلماسلا وتزروت وتاوريرت وتامغزازت، وتحربيلت وبلغيزي في فينت، وتسرݣات وتيݣت قرب تامنوݣالت نواحي مدينة أݣدز.. وبعضها عبارة عن مراسلات أو أحكام لفض نزاعات..
يقولون أن من لا تاريخ له، لا حاضر ولا مستقبل له.. أما أنا فأقول أن إسترجاع تاريخ ذكريات الماضي ليس هدفا، والحاضر أيضا ليس كذلك، فالحاضر والماضي ليسا إلا مجرد وسائل لمحاولة بناء مستقبل أفضل من الماضي ومن الحاضر، فإن بناء مستقبل أرقى هو الهدف المنشود.. كما أن من يقرأ الماضي بطريقة خاطئة، سوف يرى الحاضر والمستقبل بطريقة خاطئة أيضا، لذلك يجب علينا النبش في تاريخنا بعناية كي نستفيد بشكل صحيح من العبر التاريخية، ونتعلم من أسلافنا أو نتجنب وقوعنا في أخطائهم مرة أخرى.. فكما يقال: “من الغباء أن يدفع الإنسان ثمن الخطأ الواحد مرتين..”.
قضيت أسابيع ممتعة في محاولة استخراج تلك الوثائق بعناية من تلك الأنابيب القصبية، ومحاولة إعادة ترميمها وحفظها من التلف بسبب تهالكها بفعل الزمن.. وبعد مرحلة إعادة حفظ الوثائق، بدأت في مرحلة قراءة محتوياتها، وكنت أشعر كأنني مسافر وتائه في الزمن، فإن أغلب ما كنت أقرأه كان غير واضح بالنسبة لي، وغير مفهوم بشكل أستطيع استيعابه جيدا.. لقد كان أول تحدي لي هو قراءة وهجاء تلك الحروف التي كتبت بخط عربي لم أألف قراءته.. لكن سرعان ما تجاوزت هذا التحدي بعد قراءة العشرات من تلك الوثائق.. أما ثاني تحدي، فقد بدأ حين أدركت أن من اللازم علي أن أبحث وأنبش في تاريخ بلدتي زاوية سيدي عثمان، وتاريخ المناطق التي ذكرت في تلك الوثائق، وتاريخ المنطقة ككل وبصفة عامة لكي أتمكن من رسم صورة أكثر وضوحا عما ورد في تلك الوثائق.. ورتأيت أن أرتبها أولا حسب تاريخ تحريرها.. وبذلك سهل علي تتبع العلاقات التي كانت تربط بين آل شعيب فتمكنت من رسم شجرة عائلة مكونة من 10 أجيال ابتداءًا من جيل أبنائي الذين ولدوا في العشرة سنوات الثانية من القرن 21، إلى جيل أكبر جد للعائلة تم ذكره في تلك الوثائق، والذي عاش في زاوية سيدي عثمان في القرن 17..
لقد كانت فرصة رائعة لخوض تجربة تعلمت منها الكثير، ولحسن حظي أنني قد حصلت على مساعدة ودعم من عدد من الأفراد مشكورين أولهم والدي عبد الله ايت شعيب، وأعي جيدا وبالنسبة لي، أن كلمة شكرا قليلة جدا لتكفي واجبي في شكرهم.. إن منهم أفرادا قد توفوا خلال السنتين الماضيتين وحزنت كثيرا لفقدانهم، ومنهم من لازال على قيد الحياة وأتمنى لهم دوام الصحة والعافية.. كما أنني ممتن كثيرا للمساعدات والتوجيهات القيمة التي تلقيتها من شخص أعتبره في الحقيقة موسوعة تاريخية ثمينة، ألا وهو السيد محمد أسامة صنهاجي الذي لم يبخل علي بأي توجيهات أو معلومات أو وثائق شاركها معي وأطلعني عليها لمساعدتي.. وأنا جد ممتن لحسن حظي هذا الذي قابلني بهؤلاء الأشخاص مشكورين، فلولاهم لما تمكنت من التعمق أكثر فيما توصلت إليه اليوم من معلومات.. أنا ممتن كذلك لوالدي، ولأجدادي الذين لم أعرف أي واحد منهم، إلاّ أنني أشعر وكأني أعرفهم عن قرب بفضل تلك الوثائق التي أرخت أحداثا عن حياة كل واحد منهم.. بل أعتبرها كنزا تاريخيا مميزا للعائلة..
تجدر الإشارة إلى أنني بدأت رحلة نبشي من الوثائق الخاصة بعائلة ايت شعيب فقط، إلى أن بلغت اطلاعي على عشرات الوثائق الأخرى، بل المئات منها التي تعود ملكيتها لعائلات مختلفة من المنطقة.. وهذا التنوع والإختلاف بين المصادر، يعلم الربط بين التواريخ والأحداث وأسماء محرري العقود.. حيث يلمس الإختلاف بين كل تغيير في نوع الكتابة وطريقة بناء محتويات الوثائق من ملازم أو فقيه أو قاضي إلى آخر.. حيث تحمل عادة الوثائق إمضاءات وأسماء محرري العقود كاملة، وتذكر صفاتهم في بعض الأحيان.. كأن يقال مثلا “فلان بن فلان عفى الله عنه ملازم زاوية السيد عثمان في وقته”.. كما تجدر الإشارة كذلك إلى أنه يتم اللجوء إلى فقهاء وعلماء دين في بعض الحالات التي تحتاج إلى إستصدار فتاوى بشأن صحة البيع مثلا حين يستدعي الأمر ذلك..
عودة للحديث عن الشعور بالإنتماء واحتياجات الإنسان النفسية والعاطفية، وهي حاجيات نفسية تخص الإنسان بصفة عامة.. فللإنسان احتياجات نفسية عاطفية خاصة، تؤثر بشكل مباشر على الدوافع التي تُحرّكه وتجعل لحياته معنى خاص..
وتتلخص هذه الاحتياجات حسب النظرية النفسية التي قدّمها العالم أبراهام ماسلو في ورقته البحثيّة «نظريّة الدافع البشري» ورتب تدرجها حسب أهميتها في شكل هرمي..
فتأتي احتياجات الإنسان الفسيولوجية على قاعدة هذا الهرم، كحاجته إلى التنفس، والطعام والماء والنوم والإخراج.. وغيرها من الحاجات التي تحافظ عليه كفرد وككائن حي..
وبعد إشباع الاحتياجات الفسيولوجية للإنسان يأتي بعد ذلك إحتياجه للأمان، كحاجته للسلامة الجسدية، والأمن الوظيفي، وأمن الإيرادات والموارد، والأمن المعنوي والنفسي، والأمن الأسري، والأمن الصحي وأمن الممتلكات الشخصية..
وبعد إشباع حاجيات الإنسان الفسيولوجية والأمان، تظهر الطبقة الثالثة من الاحتياجات، وهي الإحتياجات الاجتماعية للإنسان، وتشمل العلاقات العاطفية، والعلاقات الأسرية، واكتساب الأصدقاء..
فالبشر عموماً يشعرون بالحاجة إلى الانتماء والقبول في جماعاتهم، سواء كانت مجموعة اجتماعية كبيرة، أو صلات اجتماعية صغيرة.. بالإضافة إلى حاجة الإنسان إلى الشعور بالحب من الآخرين، سواء الجنسي منه وغير الجنسي.. وفي غياب هذه العناصر أو أحدها، فإن الإنسان يصبح عرضة للقلق والعزلة الاجتماعية والاكتئاب.
ثم تأتي حاجة الإنسان للتقدير حيث يركز على حاجاته في تحقيق المكانة الاجتماعية المرموقة والشعور باحترام الآخرين له والإحساس بالثقة والقوة..
وأخيرا تأتي حاجة الإنسان لتحقيق الذات في قمة الهرم وفيها يحاول الفرد تحقيق ذاته من خلال تعظيم استخدام قدراته ومهاراته الحالية والمحتملة لتحقيق أكبر قدر ممكن من الإنجازات..
وهكذا إذا، فإن الانتماء هو حاجة الإنسان العاطفية إلى أن يكون عضوًا مقبولًا في المجموعة.. سواء تعلق الأمر بالعائلة أو الأصدقاء أو زملاء العمل أو عشيرة أو قبيلة أو أي شيء آخر.. وإن بعض الناس يميلون إلى أن تكون لديهم رغبة “متأصلة” في الانتماء وأن يكونوا جزءًا مهمًا من شيء أكبر من أنفسهم.. وعندما يتم قبول الأفراد والترحيب بهم وتضمينهم مع المجموعة، فإن ذلك يؤدي بهؤلاء الأفراد إلى الشعور بمشاعر إيجابية مثل السعادة والهدوء والرضا.. أما عندما يتم رفضهم واستبعادهم من المجموعة، فإنهم يشعرون بمشاعر سلبية قوية مثل القلق والغيرة والاكتئاب والحزن.. وفي الواقع، فإن للرفض الإجتماعي تأثيرات سلبية على الأفراد أكبر مما قد يتصور، فالألم النفسي الناجم عن الرفض الاجتماعي شديد لدرجة أنه يشمل نفس مناطق الدماغ التي تشارك في تجربة الألم الجسدي، وذلك حسب ورقة بحثية مشتركة بين عالم النفس “جيوف ماكدونالد” وأستاذ علم النفس وعلم الأعصاب “مارك ليري” اللذان أكدا العلاقة بين الألم الإجتماعي والألم الجسدي..
وعليه، فإن للإستبعاد الإجتماعي تأثير سلبي مباشر على الأفراد الذين يتم استبعادهم وتصنيفهم، وتأثير سلبي لا مباشر على المجتمع عامة حيث تتعذر تنميته وتطوره بشكل سليم.. وللتعريف بالاستبعاد الاجتماعي بشكل أوضح، فيمكننا القول أنها العملية التي يُمنع فيها أقلّية من الأفراد من مختلف الحقوق والفرص والموارد المتاحة لباقي الأغلبية من أعضاء المجموعة.. وهي عملية ذات أبعاد اجتماعية سلبية تؤدي إلى التمزق الاجتماعي التدريجي وفصل الجماعات والأفراد عن العلاقات الاجتماعية ومنعهم من المشاركة الكاملة في الأنشطة العادية والمحددة للمجتمع الذي يعيشون فيه..
أما الإدماج الاجتماعي، فهو عكس الاستبعاد الاجتماعي وهو عمل إيجابي لتغيير الظروف والعادات التي تؤدي إلى الإستبعاد والإقصاء الاجتماعي للأفراد.. كما أنه عملية لتحسين قدرة وفرص وقيمة الأشخاص المحرومين على أساس هويتهم، لمشاركتهم وإدماجهم في المجتمع بشكل صحي وإيجابي للمجتمع ككل..
خلال تجربة عملي على النبش في تاريخ عائلتي وتاريخ قبيلتي زاوية سيدي عثمان.. اطلعت وقرأت وراجعت بتمعن وإمعان ما يفوق 120 وثيقة تاريخية عن زاوية سيدي عثمان خاصة.. والمئات من الوثائق بشكل عام، والتي يعود تاريخ تحريرها لما بين 1689م إلى يومنا هذا..
وانطلاقا من اطلاعي على جميع هذه الوثائق، وغيرها من المقالات والكتب التاريخية عن الزوايا وأدوارها الإجتماعية والسياسية.. فقد بدى لي واضحا من خلالها كما عبر عنه السيد أسامة صنهاجي في إحدى تعليقاته، أن الزاوية ركن ينزوي إليه كل طالب روحاني.. ومع الوقت أصبحت الزاوية ركن لتعلم الشريعة بصفة خاصة والعلم بصفة عامة.. أما بالنسبة لزاوية سيدي عثمان، وبروح من مؤسسها، فقد كانت ملاذا لباحثي الأمان والسلم والعيش الكريم..
لقد تعرفت على أسماء عدد كبير من العائلات سبق وأن قطنت زاوية سيدي عثمان.. وحتما إن ما خفي عني سيكون أعظم .. فكما قال الرحالة الفرنسي “شارل دوفوكو” عن زاوية سيدي عثمان في كتابه “التعرف عن المغرب” بعد زيارته وترحاله في أنحاء المغرب سنتي 1883-1884.. قال عنها أنها قرية كبيرة يقطنها ما يزيد عن 300 أسرة بينهم أسر لخمس عائلات يهودية.. وبها يوجد السوق الوحيد في المنطقة والمسمى “خميس سيدي عثمان”..
نعم، دائما ما كان مُرحبًا بمن جاء إلى زاوية سيدي عثمان للإستقرار بها، وسرعان ما يندمج في المجتمع الزاويتي سواء كان قاصدا للعمل أو للتجارة أو حتى من أجل اللجوء والبحث عن الأمان أو العفو من ذنب مقترف فيلجئ طالبه لزاوية سيدي عثمان لحصانة وحرمة المكان وأمانه.. وبعد أي نكبة أو تغيير سياسي، يتنج عنه هجرات وتهجيرات للعائلات بالجملة من والى المكان.. وقد ينتج عن ذلك تحول ديموغرافي كبير في المنطقة بصفة عامة..
بالنسبة إلى الوقوف على إعداد لوائح الإنتساب إلى أعضاء قبيلة سيدي عثمان، فلابد من الأخذ بعين الإعتبار جميع هذه النقاط المهمة جدا للحفاظ على تماسك المجتمع الزاويتي وضمان تطور سليم ينعكس إيجابا عليه.. ومن الأمور التي تلزم دراستها، دراسة علم الأنساب.. ويعتبر علم الأنساب صنفا من التخصصات العلمية التي تدرس حالات الإنسان باستخدام وسائل تحليلية، نقدية أو فكرية..
تجدر الإشارة إلى أن تاريخ علم الأنساب عامة يهتم فقط بالإنتساب للآباء، ولا يهتم بالإنتساب للأمهات، حيث نجد ذلك حتى في مجتمعاتنا المعاصرة بالرغم من أن علم الوراثة الحديث قد أكد أننا نرث نصف جيناتنا من أمهاتنا والنصف الآخر من آبائنا.. ولكن مازالت مجتمعاتنا تعاني من سريان رواسب الذكورية التي تنتشر فيه بشكل واسع والتي تحث على التمييز ضد النساء بناء على جنسهن ونوعهن الاجتماعي حتى في أبسط الأمور..
ولو تمعنا في أصول الفرد بالنسبة لمنطقة ما أو بلاد ما.. فإن تحديد أصوله أو انتمائه لتلك المنطقة تعتبر مسألة ومعضلة فلسفية حتى بتوافر سجلات تاريخية عن أسلافه، ولتتضح هذه المسألة، أستحضر على سبيل المثال معضلة الدجاجة والبيضة التي تقول «هل الدجاجة جاءت أولًا أم البيضة؟».. فعندما نقول أن فلان من عائلة أصلها ورزازي على سبيل المثال ونقول فلان الورزازي، فنحن نعلم يقينا أن أحد أجداد هذا الشخص من الأجيال السابقة له قد كان وافدا جديدا إلى منطقة ورزازات في يوم ما، وربما كان يدعى بانتسابه إلى عائلة أو منطقة أخرى لا نعلمها (السوسي-الزگيضي-الدرعي-المراكشي-…).. لكن مع توالي الأجيال، ربما بعد ثلاثة أجيال أو ربما أقل أو أكثر.. يصبح أبناء وأحفاد هذا الشخص ينسبون إلى منطقة ورزازات لتصبح دعوتهم بفلان الورزازي.. ولا ننسى كذلك احتمال أن أحد أحفاد هذا الفرد ربما قد يغادر ورزازات اليوم مثلا، وينتسب أحفاده من الأجيال القادمة المتفرعة عنه إلى أصول منطقة أخرى غير ورزازات وهكذا…
وبمناسبة ذكر الأنساب وتوالي الأجيال، سأعود مرة أخرى للحديث عن مصادفة عجيبة وغريبة عن محتويات وثائق عائلة ايت شعيب.. فلقد سبق لي وأن شاركت محتويات وثيقة غريبة في الحقيقة، ونشرت صورتها للعموم أواخر سنة 2021.. لكنها كانت صورة غير واضحة لمحتويات تلك الوثيقة، والوثيقة الأصلية لم تكن في حوزتي لأعيد إلتقاط صورة أوضح تظهر كلماتها.. بل كانت الوثيقة الأصلية في حوزة أحد أفراد عائلة ايت شعيب، وقد حصلت على تلك الصورة فقط من والدي عبدالله ايت شعيب الذي كان يحتفظ بها.. وقد طلبت منه إعادة البحث عن صورة أوضح لتلك الوثيقة.. فكان يتعذر علي أنا أيضا أن أقرأ محتويات تلك الوثيقة بشكل كامل مادمت لم أحصل على الوثيقة الأصلية أو صورة أوضح لها..
على كل حال، فقد كان تعليقي الأول حول تلك الوثيقة كالآتي: “…إنها أغرب وثيقة وأكثرها غموضا من بين عشرات الوثائق القديمة التي يعود تاريخها للقرن 18، والتي تعود ملكيتها لعائلة ايت شعيب .. وهي عبارة عن سَردٍ لما نُهِبَ لجدي المدعو سيدي ابراهيم بن لحساين الشعيبي…”
لقد كنت موقنا حينها أن تلك الوثيقة لو كانت كاملة وواضحة فستكون مفتاح فك لغز أصل إنتماء عائلة ايت شعيب قبل زاوية سيدي عثمان .. لكن ما جعلها غريبة وغامضة أكثر هو كوني اطلعت على وثيقة أخرى تعود ملكيتها للفاضل لحسين بن علي أشعيب والد سيدي ابراهيم بن لحسين الشعيبي، وقد كانت تلك الوثيقة عبارة عن عقد شراء حظ شقيقه سيدي محمد بن علي أشعيب من منزل كائن في زاوية سيدي عثمان.. وقد نسب الإثنان معا إلى انتمائهم لهذه القبيلة..
فكيف لوثيقة خاصة بإبن المشتري، أن تفك لغز أصل إنتماء عائلة ايت شعيب قبل زاوية سيدي عثمان؟!
لقد ظل هذا السؤال محيرا، إلى أن حصلت على صورة أوضح للوثيقة الأصلية في شهر ماي من سنة 2023..
فكانت النتيجة أغرب بكثير مما توقعت.. فقد قالت الوثيقة أن آل الزاوية هم من نهبو المدعو سيدي ابراهيم بن لحسين الشعيبي، وقد قتلوا ابنه بمؤامرة مع آل ضوشن.. ولمحاسن الصدف فقد اطلعت سابقا على وثيقة مشابهة لتلك الوثيقة تعود ملكيتها للمدعو عبد الكريم بن عبد الله شيخ تيفلتوت الذي نهبه آل تماست بمؤامرة مع آل ضوشن.. وكذلك الحال حدث مع عائلة ايت حدّو بإيسفوتاليل وعائلة ايت حامد أسعيد بتغرامت وعائلة الرّو بتابونت وذكر في تلك الوثيقة أن نفس الحدث حصل مع أصهار ايت الرّو في زاوية سيدي عثمان.. وللإشارة فإن المدعو سيدي ابراهيم بن لحسين الشعيبي ذكر في وثيقة أخرى أنه كان متزوجا من سيدة تدعى فاطمة بنت سيدي عبد المومن التابونتية.. وقد ذكر في وثيقة لاحقة أنهم تصدقوا لأبنائهم الثلاثة سيدي مُحمد بن ابراهيم وسيدي مَحمد بن ابراهيم والطالب لحسين بن ابراهيم بكل ما ورثوه من ابنهما الأكبر وشقيقهما سيدي أحمد بن ابراهيم.. وفي غالب الظن يكون هذا الإبن هو ابنهما المقتول في حادثة نهب ال ضوشن للشيخ عبد الكريم من تفلتوت وبني حدّو من يوسف اوتالين وايت حامد أسعيد من تغرامت وايت الرّو من تابونت وأصهارهم ايت شعيب من زاوية سيدي عثمان سنة 1738..
وهكذا تكون القصة التي حملتها وثائق عائلة ايت شعيب كاملة تقريبا..
روووعة… بحث ملخص قيم جدا… شكرا جزيلا لك يا ولدي العزيز
بحث قيم و صياغة جميلة جدا
واصل صديقي العزيز
هل ثبت في تاريخ القبيلةةالمذكورة أن هاجر أحد مكوناتها إلى تادلة، فهناك دواوير تدعى باسم آيت شعيب؟
شكرًا على تعليقك واهتمامك بتاريخ عائلتنا. لم أتمكن بعد من العثور على معلومات مؤكدة حول هجرة أي جزء من عائلتنا إلى تادلة، لكنني سأبحث في هذا الأمر بجدية. إذا كان لديك أي مصادر أو معلومات إضافية، فأنا أرحب بمشاركتها. سيكون من المثير للاهتمام معرفة المزيد عن هذا الاحتمال.
توجد فرقة بقبيلة مزاب اسمها الشعيب تنتمي إلى تادلة
شكرا جزيلا للإشارة 🙏🏽