* بلاد السيبة – بلاد المخزن *
في المنشور السابق من التسلسل الزمني توقفنا عند وفاة مولاي الحسن الأول سنة 1894 بعد حملته المخزنية التي خاضها لأجل بسط سلطته..
وفاة الحسن الأول نتج عنها انتفاضة عدة قبائل وثورتهم ضد قوادهم..
وبذلك كانت تسمى البلاد التي لازالت خاضعة للمخزن.. أي سلطة الدولة .. بلاد المخزن..
والبلاد التي انتفضت وانقلبت على قوادها المخزنيون .. تسمى بلاد السيبة ..
ازدهرت وظيفة «الزطاط» من جديد.. وعادت العشائر والجماعات إلى التحالفات بين الفرق الذي يعتمد على حكم إمغارن عوض القواد..
* حصار تاوريرت *
على سبيل المثال بالنسبة لمنطقتنا.. فقد كان هذا هو أساس تكون تحالف لبعض قبائل حاضرة ورزازات مع بعض قبائل واوزكيت.. لأجل تنظيم إنقلاب على القائد المخزني.. حمادي الكلاوي وحصاره بقصر تاوريرت.. ولقد كان على رأس قبائل ورزازات المتزعمة للحصار.. تمغزازت.. غاليل.. وزاوية سيدي عثمان..
* فك الحصار *
إذا عدنا بالخط الزمني بضعة أشهر إلى الوراء .. نتذكر أن السلطان الحسن الأول قد قام بمكافئة المدني الكلاوي بتعيينه خليفة له على المناطق الجنوبية من قصبة تلوات بالأطلس الكبير.. إلى محاميد الغزلان على مشارف الصحراء.. بما في ذلك بلاد تافيلالت ودادس وتودغة.. وذلك يعني أن كل القبائل والمناطق التي لازالت تابعة لسلطة المخزن.. فالمدني الكلاوي مشرف عليها بظهير سلطاني..
نتذكر أيضا أن السلطان قد وضع رهن إشارة المدني الكلاوي مدفعين من صنع ألماني.. وعدة صناديق من الذخيرة الحربية..
قام المدني الكَلاوي بشن حملة شرسة لكسر شوكة القبائل السائبة.. فبدأ بقبائل وادي تيدلي.. القريبة جدا من قصبة تلوات.. فتغلب عليها وقطع رأس ولد ابن حليمة شيخ قبائل الوادي المالح..
قام بقطع رؤوس جميع أعيان قبائل المنطقة التي سابت وحاولت الإنقلاب.. وقام بتعليق رؤوسهم على مدخل قصبة تلوات.. ثم توجه بقوته جنوبا لفك الحصار الذي دام لسبعة أشهر عن أخيه حمادي بقصبة تاوريرت.. وقد ساعده في ذلك القايد المخزني محمد بن العربي اليحياوي قادما بدعمه من درعة..
فوقع العقاب والإنتقام القاسي على كل من شارك في تنظيم الحصار..
فقد قام بمحو قبيلة تمغزازت عن بكرة أبيها ..
قتل البعض من الأعيان في المنطقة بينهم أمغار تيفولتوت.. كما تمكن بعضهم من الفرار..
قتل بعض أغنياء المنطقة وهاجر بعضهم فارين من بطش آل الكلاوي.. فصودرت أملاكهم من قصور وفدادين..
وما بقي في المنطقة سوى من نجى بأعجوبة من غضب وبطش الكلاوي وآله.. أو من رضي عنهم من القبائل التي أبانت عن دعمها له ولم تشارك في الحصار.. أو من الخونة الذين كانوا يعملون لصالح الكلاوي من الداخل..
أما بالنسبة لقبائل واوزكيت القوية.. فقد واجه المدني الكلاوي صعوبة ومشاكل كبيرة من أجل إخضاعها في بادئ الأمر.. لكنه تمكن من ذلك في الأخير ونجح في إعادة فرض سلطته على المناطق التي سبق وأن ولاه عليها السلطان الحسن الأول قبل وفاته..